لطالما اتسمت العلاقات التركية السورية بمعادلة: الأمن مقابل الماء وهذه المعادلة بقيت بمثابة أحد أهم محددات السياسة الخارجية لكلا الدولتين التي لم تتغير مع تغير الأنظمة السياسية بل اخذت شكل الانفراجات والتضييق مع تغير الظروف والمعطيات الدولية لكن بقيت الحركة الجيوبوليتيكية التركية تستند على عنصرين أساسيين هما: الحصص المائية لسورية وملف الأكراد…
بين معاهدة لوزان واتفاقيتي اضنة وانقرة
عدت معاهدة لوزان بمثابة نسف لاتفاقية سيفر التي منحت الأكراد حكماً ذاتياً في مناطق واقعة جنوب شرق الأناضول، ولكن لم تمنع لوزان بعض الأكراد من تنظيم كفاح مسلح للحصول على حقهم في الحرية والمساواة مستغلين الجغرافيا بين سوريا والعراق وتركيا لتنفيذ أهدافهم بالعمق التركي
فيما بعد استطاعت تركيا من خلال الضغط على الدولتين (العراق وسورية) من خلال ملف المياه واستغلال الخلافات السورية العراقية من توقيع معاهدتين مع الدولتين أعطت للاتراك الحق في الدخول العسكري الى داخل الحدود العربية لمحاربة العناصر الكردية
سورية بعد 2011
إن غياب المشاركة السياسية وغياب المواطنة وثقافة القانون والهوية الجامعة سهلت التدخلات الخارجية في سورية بعد اول أزمة سياسية.. وأخذت هذه التدخلات أحد الأشكال التالية
- شكل غير مباشر من خلال دعم مجموعات مسلحة محلية دون وطنية
- الشكل المباشر من خلال قواعد عسكرية
- المال السياسي وأثره الواضح في سير العملية السياسية
وان ابرز اثار التدخلات كانت التقسيم المعنوي لسورية بفرض سياقات مختلفة بين المناطق من خلال تقسيم الملف السوري كسلة واحدة إلى مجموعة ملفات متنازع عليها من قبل الدول اللاعبة ومع غياب المواطنة والحريات العامة سمحت بتشكيل مظلوميات دون وطنية ومحقة بغالبيتها لكل مكونات الشعب السوري
وتم ربط مصير معظم المكونات بالقوى الخارجية، مما سمح لتلك القوى باستخدام المكونات والمظلوميات (المحقة بغالبيتها) كورقة ضغط على دول أخرى لاعبة في سورية مما سمح بزيادة الشرخ بين المكونات من جهة وبعد الحل السوري- السوري من جهة أخرى..
إن التدخلات التركية الاخيرة في شمال شرق سوريا لا يمكن فهمه الا من خلال الجيوبوليتيك التركي الممثل بحماية أمنها القومي من مشروع (قسد) وما يندرج تحتها من فصائل من جهة، ولا يمكن معالجة ملف شمال شرق دون النظر إلى الظلم الواقع على الاكراد الذي تمظهر من خلال منع حقهم (الطبيعي) من التعامل بلغتهم وممارسة طقوسهم وثقافتهم وقيمهم وغيرها، في اطار دولة سورية جامعة وقوية من جهة أخرى…
أخيراً أن التعامل الإعلامي مع شمال شرق من قبل جميع الأطراف أدى إلى عزل مكون أصيل من مكونات الشعب السوري لم يكن أولهم محمد كرد علي ولا آخرهم مشعل تمو..